خبير اقتصادي: نجاح الإصلاحات يجعل مصر في غنى عن برنامج جديد مع صندوق النقد

بينما تقترب مصر من نهاية برنامجها مع صندوق النقد الدولي والمقرر أن ينتهي في نوفمبر 2026، يثور جدل واسع حول مستقبل الاقتصاد المصري بعد هذه المرحلة.
فبينما يرى البعض أن الصندوق كان ضرورة فرضتها أزمات عالمية متتالية، يؤكد خبراء أن الاقتصاد المصري أصبح أكثر قدرة على الاعتماد على موارده الذاتية والانطلاق نحو مرحلة جديدة من النمو بعيدا عن أي برامج تمويلية خارجية.
وفي هذا السياق، أكد الدكتور أشرف غراب، نائب رئيس الاتحاد العربي للتنمية الاجتماعية لشئون التنمية الاقتصادية بجامعة الدول العربية، أن مصر قادرة على استكمال مسيرة نجاحاتها الاقتصادية بعد انتهاء برنامج الصندوق دون الحاجة إلى برامج جديدة، خاصة مع تحسن المؤشرات المالية وزيادة الإيرادات الدولارية خلال الفترة الأخيرة.
لماذا لجأت مصر إلى صندوق النقد؟
يرى غراب أن برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي بدأ عام 2016 كان ناجحا في إعادة التوازن المالي والهيكلي، إلا أن الأزمات العالمية العنيفة أجبرت مصر على العودة إلى الصندوق.
فمع تفشي جائحة كورونا عام 2020 توقفت سلاسل الإمداد وتراجع النمو والإيرادات، ثم جاءت الحرب الروسية الأوكرانية عام 2022 لتضاعف أزمات الغذاء والطاقة وتؤدي إلى هروب أكثر من 20 مليار دولار أموال ساخنة.
وأعقبتها الحرب على غزة عام 2023 التي زادت من تعقيد الموقف الاقتصادي وأثرت على العملة المحلية ورفعت فاتورة الواردات، ما دفع الحكومة لتجديد الاتفاق مع الصندوق.
اعتماد مصر على الموارد الذاتية
يرى غراب أن انتهاء البرنامج الحالي سيكون نقطة تحول مهمة، فمصر لم تعد بحاجة لبرنامج جديد بقدر حاجتها إلى تعزيز مواردها الذاتية.
وذكر أن شهر يوليو الماضي وحده شهد دخول نحو 8.5 مليار دولار من موارد متنوعة تشمل تحويلات العاملين بالخارج، إيرادات السياحة، وقناة السويس والصادرات، مما يعبر عن قدرة الاقتصاد على توفير النقد الأجنبي اللازم لتغطية احتياجاته.
الصناعة والإصلاحات الهيكلية
شدد غراب على أن توطين الصناعة وتعميق التصنيع المحلي يمثلان الركيزة الأساسية للاستدامة الاقتصادية، مطالبا بالاستمرار في تقديم الحوافز الاستثمارية، والتوسع في منح الرخصة الذهبية، وطرح الأراضي الصناعية بحق الانتفاع.
كما دعا إلى إعداد قائمة بالواردات التي يمكن تصنيعها محليا بالشراكة مع القطاع الخاص لتقليل العجز في الميزان التجاري وزيادة الصادرات.
الزراعة والمشروعات الصغيرة
يرى غراب أن دعم قطاعات الزراعة والتصنيع الزراعي والمشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر يسهم في خلق فرص عمل جديدة، خفض نسب البطالة والفقر، وزيادة دخل المواطن، مؤكدا أن تمكين هذه القطاعات يوسع قاعدة الاقتصاد الوطني ويعزز مناعته.
السياحة واستثمارات المستقبل
أوضح غراب أن السياحة باتت من أهم مصادر النقد الأجنبي لمصر، ما يتطلب الاستمرار في تطوير البنية السياحية وزيادة الغرف الفندقية وتوفير التمويل اللازم لها، باعتبارها إحدى الركائز الأساسية لزيادة تدفقات العملة الأجنبية.
نحو استقلال اقتصادي
اكد أشرف غراب أن مصر مقبلة على مرحلة جديدة من الاستقلال الاقتصادي تقوم على استكمال الإصلاحات الهيكلية، تمكين القطاع الخاص وتحفيز الاستثمار والإنتاج المحلي لتحقيق الاكتفاء الذاتي.